الأحد، 11 أكتوبر 2009

إهداء..إلى فلان بن علاّن..مع محبتى و تقديرى


الصديق العزيز نائل الطوخى

طوال ربع قرن من الزمان و هى المدة التى قطعتها فى قراءة آلاف الكتب و المخطوطات و الكنوز التراثية و الإصدارات الحديثة و الحداثية ، لم يمر علىّ مثل هذا الموقِف فى عنفوانه و قوته مما أدى بى إلى أزمة نفسية حادة لم أقدر على التملص منها بسهولة،...قبل سفرى إلى القاهرة كنت أمر يومياً على أماكن بيع الكتب القديمة و المستعملة قبل أن أذهب إلى المكتبات الجديدة الملحق بها كوفى شوب،و فى مدينتى الجميلة الإسكندرية كنت أمر على أرصفة شارع النبى دانيال المقابل لحلوانى فينوس، و أقلب فى الكتب، أشم رائحتها و إقلب فى صفحاتها علّى أجد تذكاراً لعاشقٍ قديم، لازمتنى هذه الحالة عندما ذهبت إلى القاهرة و تشبعت بوسطها الثقافى الذى عرفنى على شخصيات لطيفة و ظريفة جدا، و كان هذا يقرب من حوالى خمس عشرة سنة.

عندما وصلت للقاهرة أصدرت كتابى الأول فى سلسلة"الكتاب الأول" فى المجلس الأعلى للثقافة و بعدها إنهالت علىّ عروض لطبع الكتب بعد أن نشرت العديد من قصصى فى الصحف والمجلات القومية و الغير قومية و العربية والغير عربية، و فى مرة من مرات لفّى و دورانى على أرصفة الكتب القديمة فى رمسيس عند دار القضاء العالى و سورالأزبكية الذى تحول إلى أكشاك قذرة فى مساحة ضيقة و  بائعى الكتب تحت كوبرى أبو الريش بالسيدة زينب، وجدت ما هالَنِى، أحدث إصداراتى والتى لم تتعد بعد الطبعتين والذى نشرته فى دار نشر مبتدئة و مغمورة" تواضعاً منى لا أكثر" أجده ملقىً بإهمال على الأرصفة يتمشى عليه الذباب يضع عليه فضلاته السوداء الدقيقة و ترتمى عليه ذرات التراب فى دعة و خمول، لم يكن هذا غريباً علىّ بالطبع، الغريب أن النسخ الموجودة هى بالتحديد نسخ أهديتها لأصدقاء أدباء كنت أكن لهم إحتراماً و تقديراً، رغم أنى سابقٌ عليهم فى مشوارى الأدبىّ، وإصداراتى تتخطى إصدارتهم فى العدد، و أصبت من الجوائز أكثر بكثير مما أصابوا، لعلكم تذكروا فوزى بجائزة ساويرس و جائزة البوكر العربية و فى البداية جائزة مركز رامتان و نادى القصة و المركز الأول فى دورة من دورات مجلة دبى الثقافية، وأيضاً لا أنسى فوزى المحقق فى مسابقة سعاد الصباح للرواية،و فى النهاية تكللت مسيرتى الإبداعية بفوزى بجائزة التفوق و التى تسلمتها من الرئيس محمد حسنى مبارك شخصيا"سدّد الله خطاه" ، لا أعلم ما الذى دفعهم لكى يهينونى إلى هذه الدرجة بالقاء كتبى بإهدءاتها القيمة على أرصفة قذرة غير أن ورثتهم قد قاموا بهذا الفعل الشنيع، لكنى أعلم أن محمد صلاح العزب وحمدى أبو جليل وحمدى الجزار و أحمد أبو خنيجر و إيهاب عبد الحميد والجميلة منى برنس و الجميلة أيضاً ميسون صقر و كذلك طارق إمام وغيرهم ، أعتقد أنهم مازالوا على قيد الحياة، و لكن الذى حزّ فى نفسى أن أجد إسما لم أعتقد أنه سيضم هذه القائمة،.....إنه صديقى العزيز نائل الطوخى.


ترجع بداية معرفتى بنائل الطوخى على المقهى الشهير"زهرة البستان" الذى تعرفت فيه أيضا على مكاوى سعيد القابع هناك أبداً، كان نائل يجلس على طاولة منفردا بكيسٍ كامل من شوكولاته كادبورى التى يعشقها و يلوكها فى فمه، و كنت قرأت له قبل ذلك" ليلى أنطون وبابل مفتاح العالم" أعجبنى أسلوبه و تحاورنا كثيراً عن ميلان كونديرا و نظريته فى " الفكاهه أوالهزل" و بأن الرواية ما هى إلا لعبة نحاول عن طريقها التصوير الغير مسبق للعالم بألمه و تشظيه و قبحه و عبثيته، و دور الإيروتيك فى هذا الموضوع، كما تناقشنا فى مصطلح " الكيتش" و الكيتشيزم وبأنه ليس سيئاً على الإطلاق بما أنه لا يشكل تصادماً مع الواقع الذى تقبل هذا المصطلح ببراءة ليست مفتعلة كممثل أول لما تظهر به إستاطيقا العصر، و تذكرنا قول جوجول الملهم:"إذا نظرنا بانتباه وبصورة مطولة إلى قصة مضحكة، فإنها تصير بالتدريج حزينة" وخلال مناقشاتنا لم يهدأ نائل فى عصبيته المفرطة عندما يدندن بالنشيد الوطنى الإسرائيلى"هاتيكفاه" و الذى تندرج تحته هذه الكلمات الشاعرية المملوءة أملاً:
بالعبرية

כל עוד בלבב פנימה
נפש יהודי הומייה
ולפאתי מזרח קדימה
עין לציון צופייה -

עוד לא אבדה תקוותנו
התקווה בת שנות אלפיים
להיות עם חופשי בארצנו
ארץ ציון וירושלים.  

و يلفظ هكذا

كول عود باليفاف بنيما
نيفش ييهودي هوميا
أولفاتيه مزراح كاديما
عاين ليتسيون تسوفيا.

عود لو أفداه تكفاتينو
هاتكفاه بات شنوت ألبايم
لهيوت عام حوفشي بأرتسينو
إيرتس تسيون فيروشالايم.


أما ترجمته العربية

طالما في القلب تكمن،
نفس يهودية تتوق،
وللأمام نحو الشرق،
عين تنظر إلى صهيون.

أملنا لم يضع بعد،
أمل عمره ألفا سنة،
أن نكون أمّة حرّة في بلادنا،
بلاد صهيون وأورشليم.
 

أصبحت الآن أعرف مزاج نائل الحاد وعصبيته التى طالما أنكرها، و أصبحت عند التحية-تلافيا لغضبه- أقول :بوكيرتوف، فيرد علىّ بوكيرتوف حبيبى، تناقشنا مطولا فى المقولات الكاذبة للدكتور عبد الوهاب المسيرى فى عبقرية اليهود وهوأننا طالما تيقننا من أنهم عباقرة فذلك يضعهم ضمن القائمة الإختزالية للتاريخ كجماعة وطيفية متميزة عن الجنس البشرى،و يعترض نائل بأن الجنس السامى له الأفضلية فى العقل والمنطق و هم بالفعل عباقرة، يكفى أن تبحث عن الأسماء التى تركت تأثيرا فى تاريخ البشرية ولنأخذ مثلا بالعصر الحديث: كارل ماركس، فرويد، نورمان ميللر،نيتشة، كافكا،شاجال، سارتر، دزرائيلى، سوزان سونتاج.....إنهم يشكلون حالة لن تقدر أبداً على تجاهلها، يا نائل ما تقوله يعد عنصرية مفرطة ...ثم ماهو مصطلح الحالة؟...إنه مصطلح وهمى لا يقوم على أية قياسات عقلية أومنطقية....و لم أجد إجابة مقنعة لدى نائل الذى قام ممتعضاً.
  
 
 



بعد إصابتى بهذه الأزمة النفسية الحادة لم أخرج من منزلى القاطن بمدينة نصر قرب سيتى سنتر طيلة ثلاثين يوماً، لمجرد أنى وجدت نسخة من كتابى على رصيف شارع رمسيس باهداء رقيق إلى عزيزى نائل أقول فيه: إلى نائل الطوخى ...أتمنى أن تجد فى مؤلفى حالة تسرك و تبعث على نفسك الطمأنينة و تجد بها مقولات كونديرا حية كفراشةٍ تحوم على تخوم الزعتر...بوكيرتوف...محبك عبدو الماسك.
و أعلم أن نائل لا يعلم أن روايته"الألفين وسته" تستكين فى وداعة فى صدارة مكتبتى الكبيرة تقديرا وحباً له رغم أنى إعترضت على إهماله فى إهدائى إياها بعد أن تخطت طبعاتها السادسة والعشرين فى زمن قياسى لا يتعدى ستٌ وعشرين أسبوعاً...مما حدى بميريت إلى إنجاز عقود ترجمة إلى معظم اللغات الحية و الغير حية على الساحل الإفريقى الجنوبى والدول المغمورة بأمريكا اللاتينية، الأمر الذى جعل من ميريت دار نشر كبيرة تخطت منافستها دار الشروق فى عدد الطبعات و الإصدارت.

كما أنه لم يبد أمامى إستهجاناً عندما دعته جامعة تل أبيب لنيل دكتوراه فخرية عن مجمل أعماله وخاصة عن ترجمات الأدب العبرى إلى العربية فى مدونته الجميلة...زاعماً أنه قد زار إسرائيل قبل ذلك أدباء عظام و نالوا جوائزها كالدكتور حسين فوزى مؤلف كتاب"سندباد مصرى" و المعلق الموسيقى الأول فى إذاعة البرنامج الثقافى، كما زارها قبل ذلك المسرحى القدير على سالم....

لم ينتهى المطاف بنائل عند هذا الحد، كلنا يعرف علاقته التى لم تعد سرية بالشاعرة الإسرائلية حدفا روتام- لاحظوا مدى توافق الإيقاع الصوتى بين إسمها وإسم ليلى أنطون-  وقامت بينهم عدة لقاءات هنا فى مصر فى فندق ماريوت و فى إسرائيل أيضاً بعد أن توطدت العلاقات ....و لم ينتهى المطاف عند هذا الحد، فقد نال نائل جائزة القدس التى رفضها إدباء عرب قبل ذلك كسحر خليفة الفلسطينية، و قال نائل فى أحد حواراته إلى صحيفة يديعوت أحرونوت و الجيروساليم بوست أن: هذه الخطوة تعد خطوة دافعة لعملية السلام و تأكيداً على إتحاد العنصر السامى فى مواجهة أية هجمات إرهابية تأتى من العنصر الآرى الحاقد...يكفى أن يكون هذا رداً ماحقا لما حدث فى الهولوكوست الألمانية...و أنه يعتز بذلك و صرح بأنه يقوم الآن بالتجهيز لجائزة سيطلق عليها إسمه، تمنح للأدب العبرى أوللدراسات المتصلة به  أو للأدب المكتوب باليديشية وسيتعدى قدرها المليون شيكل

لا أقدر على نسيان الأيادى الفُضلى التى أغدقنيها نائل بدعوتى فى مرة من المرات إلى زيارة إسرائيل، بل و ترجمة عمل من أعمالى إلى العبرية و هذا فضل لا أنكره، عرفنى بصديقته حدفا روتام و قضينا معا وقتا لذيذا نتناول الفودكا الروسى و ندخن السيجار الكوبى فى المبنى الرائع برج عزرائيلى بوسط مدينة تل أبيب وكان لهذه الزيارة وقع كبير على المجتمع الثقافى الإسرائيلى و كان أيضاً فى إستقبالنا..الأديب الكبير عاموس عوز و أ.ب.يهوشواع....و غطى الحدث صحيفة ها آرتس.

فى زيارة لاحقة بمفردى إلى تل أبيب سأجد روايتى تتصدر أرصفة الكتب المستعملة بينما آخر روايات نائل"الألفين وسته" تتصدر قائمة المبيعات.

الثلاثاء، 7 يوليو 2009

39 عفريت..لمّا يركبوك..يا شموئيل


شيمو شمعون

ترجع بداية معرفتى بصديقى العزيز " شموئيل شمعون" إلى العام 2004 حيث كنت فى زيارة سريعة إلى باريس إستقبلنى فيها صديقى الشاعر العربى الكبير أدونيس التى تربطنى به صداقة كبيرة منذ أن كنت أتردد على بيروت أيام جماعة" شعر" و مجلتها العريقة، و كنت فى طريقى إلى فرانكفورت مرورا بباريس للمشاركة فى فعاليات المشاركة العربية فى معرض فرانكفورت و كان الوطن العربى ضيف الشرف، ذهبت إلى أدونيس فى شقته و بالصدفة قابلت إنساناً لطيفاً جداً، أجببته من أول لقاء، نظرا لما يتمتع به من رحابة صدر و إنفتاحه على كل التيارات و عدم معارضته لأى جماعات إثنية أو أقليات دينية، عرفنى عليه أدونيس: شموئيل شمعون، كاتب عراقى صدر له رواية واحدة إسمها " عراقى فى باريس" و هو يقيم الآن فى إنجلترا...من أول لقاء صارت بيننا صداقة حميمة جدا حتى أنه لم يعترض عندما كنت أدلله و أناديه "شيمو" فى البداية إستغرب الإسم لكنه مع التكرار و إعادة الإسم على مسمعه إستساغه حتى إنه كان يمتعض عندما أناديه شمعون، عرفنى بعد ذلك فى لقاءٍ تالى على زوجته" مرجريت أوبانك" ، و جدت أن إسم مرجريت ثقيلا على لسانى فأصبحت أناديها " ماغى" هكذا أسهل

فى الأيام القليلة التى إصطحبنى فيها فى باريس، حكى لى- أثناء تجوالنا- على قصة تشرده فى هذه المدينة التى أحبها و مضاجعته للعاهرات العربيات و الفرنسيات و أنواع النبيذ التى يفضلها و الأدخنة كذلك، بصراحة كان مزاجى مختلفاً عن مزاجه، فأنا أحب من النبيذ، الأحمر"روسيه" و يحب البلاك ليبل أما أنا فأحب الرد ليبل، كذلك أحب السيجارة التى يمقتها و هى من نوع" جيتان" ، ما أشعرنى بالتقزز نحوه هو حكايته المملة و المكرورة عن أبيه الفران الأصم الأبكم، فى أى فرصة و أى مناسبة يأتى على ذكرة، قبل أن ألتقيه حدثنى عن نفس النقطة صديقنا التونسى المشترك" حسونة المصباحى" الذى كان هو الآخر يقول لشيمو : دعك من هذا، هذه حكايةٌ قديمة، نعم علمت بوالدك ، ماذا تريد إذا، الله يرحمه يا سيدى، خلاص خلصنا؟

لم ينس أن يصطحبنى إلى محطة مترو " أوسترليتز" التى كانت مأواه أيام إقامته فى باريس، حدثنى عن أيام التصعلك، و إعتماده على أصدقاءه فى المبيت أو المصروفات، السجائر و الخمر، حلمه الذى نسيه فى السفر لهوليود و صناعة الأفلام، أثناء ذلك كان يصطحبنى إلى مقاهى و بارات باريس، جلسنا على " الفوكيه، و الكاريدور، و الليدو، و لو دوفيل، و رينو" كان محترف إرتياد مقاهى ، فى النهاية وجدته مسلْ جدا، و حكاياته لا تنتهى، كنت أقع على قفاى من الضحك

كان شموئيل ساعتها فى التامن و الأربعين من عمره ، كما علمت كانت روايته فى الأسواق و كانت مجلته الإلكترونية "كيكا"- و بالمناسبة هذا إسم التدليل لوالده- قد أنشئت منذ سنة واحدة ، و كان أيضا قد أصدر هو و زوجته مجلة" بانيبال" لترجمة الأدب العربى إلى الإنجليزية، عندما توطدت علاقتنا كان من وقت لآخر يطلب منى أعمال أدبية من إبداعى لنشرها فى المجلة، حيث أنه كان له قناعاته الشخصية فى مدى عبقرية كتاباتى و أننى المعادل العربى لكافكا، بصراحة وجدت هذا إطراءاً منه ، و لكننى لا أميل لكافكا مطلقاً، ربما أعجبنى فى مرحلة من حياتى،و كانت كتاباتى تنشر فى كيكا تباعا بجانب كتابات أصدقائى الحميمين فى مصر مثل( محمد صلاح العزب و حمدى أبو جليل، و منى برنس) ، ربما لهذا وجدت كتابتى رواجاً بعد إهتمام شموئيل بها، فقبلها كنت مغمورا فى مصر

عندما كان صديقى شموئيل أول رئيس للجنة التحكيم فى " جائزة البوكر العربية" 2007 تلفن لى ، قلت له: ماذا تقول يا شيمو، يكفينى صداقتك و إيمانك بكتاباتى و نشرها فى بانيبال و كيكا، لا لن أبعث إليك، ينبغى أن تعطى الفرصة لآخرين و فاز بها " بهاء طاهر" و كنت سعيدا لهذا الرجل، فأنا أحب كتاباته جدا، حمدا لله أنه حفظ لى صديقى شموئيل و لم يغضب و فهم أن هذا تواضعاً من جانبى

إلتقيته بعد ذلك مرات و مرات، دعوته فى مرة للقائى فى بلدى الإسكندرية، أبدى ترحيبا و عندما أتى أخذ يتغزل فى المدينة و هواءها الجميل و معمارها و بحرها و متاحفها و شوزارعها النظيفة و أخذ يقارن بينها و بين باريس، لفّفته على مقاهيها،" إيليت، بسترودس، تريانون، التجارية ، بار الشيخ على و غيرها...أبدى تلهفا لزيارة متحف كفافيس، قال : معقول، هذا هو المتحف الذى يوجع أدمغتنا به سعدى يوسف، إنه خالٍ و ليس به إلا أشياء قليلة كما أن به غرفة ملحقة لشاعرٍ يونانيٍّ آخر...شربنا هاينكن و فى مرة أخرى ستيلا و شربته نبيذ روسيه فى إيليت الذى شربه مرغماً.

كان لقاءنا الأخير صدفة فى معرض القاهرة للكتاب 2009، حيث قدم لإلقاء نظرة على طبعته المصرية فى دار الشروق لروايته " عراقى فى باريس" التى طبعت مؤخرا أيضاً فى المغرب، وجدته فى القاعة الخاصة بدار الشروق، " هاى شيمو/ هاى عبدو، كيفك؟/ منيح و الله، شو أخباراتك؟/ و الله إنت تعلم إن بيروت عاصمة للثقافة العربية ها دى السنة و فى مهرجان عاملينه إسمه " بيروت39 و بتشرف عليه مؤسسة " هاى فيستيفالز" و نحن عايزينك تشارك/ شو، هلق، إممممم و إنت شايف إن دى مضمونة يا شيمو؟/ إيى مضمونة مية بالمية، رأيك سيدى/ أنا مش عارف أقولك إيه بس يا شيمو، إنت خيراتك مغرقانا/ وااااااااااه، عن شو بتحكى، يا راجل، تف من بقك


و عندما ذهبت للبيت فى نفس اليوم أرسلت له العمل مرفقاً به رسالة شكر و محبة إليه و إلى السيدة مارجريت أوبانك" ماغى" ...بعدها بساعات سمعت خبر إستقالة علاء الأسوانى من رئاسة لجنة التحكيم...كرهت ساعتها هذا الرجل...رغم أنه قامت شائعات تقول أنه رفضها لضآلة القيمة المادية لمكافئته كرئيس للجنة التحكيم

و ما زلت أنتظر شو عم بيعمل شيمو.


الأحد، 26 أبريل 2009

أخبار الأدب...سيكولوجية الإحتضار و عبثية الإستمرار و ميكانزم التعريص

طه عبد المنعم.. شرابى

Photo by Ralph Gibson

قلت لصديقى اللئيم : أرجوك أرجوك لا يحق لك أن تشتم و أن تسب فذلك عيب مقذع لن يعطيك سلطة السب و الشتم بدون أى وجه حق و مع ذلك أن تسب هو أنك لا تتبع العقل المنطقى فى جدليته و لا تقوم رؤيتك على أى صورة منطقية...و مع ذلك يصر صديقى على الشتم و التشهير و أدافع و أدافع و لا يسمع لى...قلت له إنى أتابعها منذ كنت صغيرا و أنتشى بها و بكل ما يأتى بها فأرجوك إنها بالنسبة لى تعتبر تابو كبير لا أعطيك حق المساس به.... و لكن مع تهافت الزمن و مرور الأيام بانت لى الصورة الخافية و الشنيعة لأشهر جريدة ثقافية فى مصر بل و الوحيدة المتخصصة و التى تزعم أنها كذلك تكسرت القشرة و ظهر منها الكتكوت

بصراحة حاولت أن أرجىء كتابة كلامى هذا متظاهرا أن به شىء من التعدى و عدم الموضوعية و حبى لها هو ما أملى علىّ هذا الكلام و أقوله بحسن نية و أملا منها فى تلافى أخطائها المستقبلية إن كانت تود الإستمرار

الإسم المقصى: جمال الغيطانى


أحسبه علما فى الكتابة و علما فى الرواية و علامة من علامات الثقافة المصرية و أعتقد كل الإعتقاد أنه مما يقرب من ستة عشرة عاما - عمر الجريدة- كانت البداية مفرحة و دالة على وعى بإشكاليات الثقافة المعاصرة و عمل على توطيد التواصل بين الثقافتين الشرقية و الغربية ، و أعتقد أنه كان له دور يذكر فى تحمل إنشاء جريدة تعتبر إلى حد ما مستقلة عن المؤسسة الصحفية القومية الصادرة عنها- مؤسسة أخبار اليوم- لكنى الإن بت أشك أن لجمال الغيطانى أى صلة بالجريدة غير إسمه كرئيس للتحرير و عموده الإسبوعى بها ...لكنه لا يتدخل الإن فى أى صغيرة و كبيرة ..لا أعلم هل حدثت عملية إقصاء من أسماء تالية له فى السلم الوظيفى للجريدة أم أن إنشغالاته و سفره المتتابع إلى فرنسا و مرضه و العملية التى قام بها مؤخرا قد أبعدته عن القيام بمهام وظيفته كاملة

بين البريد السريع و بريد القراء و بعد التحية والسلام

كان باب البريد السريع يأتى فى الصفحة قبل الأخيرة و أصبح يأتى الآن فى الصفحة الثانية...تأكيدا منهم على وضع باب للنكتة يفتتح به القارىء جريدته الموقرة العفيفة...كانت ردودهم فيما مضى ردود و فقط، مشجعة و مختصرة أما الآن فإنهم من باب التسالى ينشرون فقط الرسائل التى يتسم مرسلها ببعض المازوخية ...حيث الرسائل تحتوى على من يقول لقد راسلتكم مرار و تكرارا و لم تنشروا لى أو تردوا على رسائلى أو من يقول أنه الجهبذ و العالم العلامة و الأديب اللوذعى و يشتكى بدلال من أنه لم ينشروا له نصا أو عرضا لكتاب له مثل العزيز محمد الطناحى بتاع حى شرق أو من يطلب عدد مفقود فاته فيردوا عليه بأن يرجع إلى قسم التوزيع بأخبار اليوم ...و الرد يأتى بصيغة التعالى و الإشمئزاز و الإشمئناط و يفتتحوا بابا لللإبداع ينشروا به نصوص رديئة لا تبشر بأى موهبة أدبية غير إرضاء أشخاص ملحون سيهللوا فرحين بأن صار لهم حرفا فى أخبار الأدب و أن إسمهم يتصدر القائمة فيما بعد ذلك


طه عبد المنعم الألفينى..شرابى وكيل الفنانين

حتى الصحف الأجنبية و المشهد الثقافى العالمى لم يجد هذا الأحتفاء المدوى لفتى مرحلة ما قبل الوكيل الأدبى فى الواقع الثقافى المصرى، فأن تسوّد صفحة كاملة بخط أحمد الفخرانى عن شخص يتحرك فى الوسط الثقافى زى السكينة فى حتة الزبدة و يقوم متطوعا أو مأموراً يعمل جروبات على الفيس بوك و دعايات "لكل" الكتب الصادرة فى جميع دور النشر التى يتردد عليها و يقيم صداقات من الممكن أن تكون قائمة على شىء من المنفعة و تواجده المستمر- كواحد فاضى- فى قهاوى وسط البلد زى البستان و التكعيبة و غيره ... أريد أن أعرف فقط مدى إتساع الذائقة الكونية للعزيز طه عبد المنعم حتى يقول أقوال موجزة زى الكتاب ده جميل الكتاب ده حلو ..نايس بيوتيفول ...و يقول أنا رحت مكتبة ديوان جبت الكتاب و قريته فى قعدة لأو قريته ييجى عشر مرات فى نفس القعدة...ربما فى يوم من الأيام سنقحمه فى قائمة النقاد الجدد بعد أن قام مؤتمر السرد الجديد فى مرسى مطروح بتكريمة كمشهلاتى و متعهد حفلات


العم كاندنيسكى و العم خوان ميرو

بداية معرفتى بأخبار الأدب تشكل أيضا وعيا فنيا لجميع المدارس التشكيلية على مر العصور...و كانت تستلبنى الصور المنتقاة على الغلاف و فى الداخل ...لكنهم الآن باتو يكررون ويركزون على أعمال فنانين بعينهم لدرجة الملل ...لا أعترض على كاندنسكى أو ميرو و لكن فى البستان بات وجودهم مملاً و كئيباً كأنما لم يوجد غيرهم و لا صلة مطلقا بين الموضوع و الرسوم المنتقاة ....أذكر أنه فى أحد البساتين كان هناك مقال مترجم عن دانتى الليجييرى و كانت اللوحات المنتقاة من عصر النهضة و كان إختيارهم موفقاً حسب ضرورة النص ...لكنهم الآن لا يبالون كأنهم يفبركون أو يأتون بها كوبى من الإنترنت بدون أى إختيار...كذلك اللوحات الخالية من الموهبة لأدهم لطفى و رزق الله جورج الذين باتو يتصدرون صفحاتها مؤخرا و لا يشكلوا أى مظهر جمالى و إختفت لوحات ديلاكروا و بيتر بروجل و جاك لويس دافيد و حتى ماجريت

عصر النفط و التنمية البشرية الكاذبة

عليكم الآن أن تعملوا بحث على جوجل بإسم " سعاد الصباح" لتعرفوا أنها دخيلة على الشعر و أن إمتلاكها لمؤسسة للنشر و صاحبة جائزة أدبية تقام بإسمها كل سنتين و أنها من العائلة المالكة فى الكويت ، أصبح من حقها أن يكون لها عمود أسبوعى فى أخبار الأدب تنشر فيه هراءاتها التى لا تقدم و لا تؤخر فى شىء......و العمود الذى يسمى "مكتوب" و ينشر به باولو كويلهو تجلياته و ما يفعله فى يومه كأن يتبرز مثلاً أو يضاجع صديقته أو يرد على معجبيه فى أنحاء المعمورة ..كأن نبيا ظهر و عليكم أن تتابعو تجليات نجوميته كمشهور من مشاهير القرن... و هو مجرد قارىء نهم لا أكثر يجمع حكمة من هنا و حكمة من هناك ليكون يذلك حكيم الحكماء


ساحة الإبداع

فيما مضى ..عفوا أكثرت من هذه الكلمة... فيما مضى كانت تنشر لأسماء كثيرة ذات مستوى يبشر بأن هناك قاصا أو شاعرا يتخلق..لكنها الأن باتت تنشر مقاطع من روايات تأخذ حوالى صفحتبن أو ثلاثة مختزلة المساحة المقررة لإبداعات الأقاليم أو غيرهم لتكون وظيفتها الدعاية لأعمال ستصدر مؤخرا...و المساحة المتبقية أصبحت تستأثر أسماء بعينها تتكرر كل عددين أو ثلاثة ناشرة أعمال هى من السطحية بحيث تعافها النفس المتذوقة لإستمرار القراءة ....سعدنى السلامونى مثلا

الأنبياء الجدد

هل الساحة الثقافية المصرية أصبحت شحيحة فى خلق أسماء كثيرة تعمل على إثراء الواقع الثقافى لتختزل فى عبد المنعم رمضان ومحمد آدم و إبراهيم داوود و سعدى يوسف و تبنيها لكل النصوص الوافدة من المهجر الأمريكى مثلا و التى لا تشكل أى فيمة فنية و لا تقدم جديدا فى كشف الحقيقة ...فرنسوا باسيلى مثلا


خلاصة ...و خلاص

أصبجت أخبار الأدب صحيفة من مخلفات الحرب لا تقدم جديدا غير ترجماتها عن الآداب الأخرى رغم إبتعاد بعض المترجمين القديرين عنها مثل علاء عزمى و ترجماته عن الأدب الألمانى و أحمد شافعى و ترجماته و دراساته عن الأدب الإنجليزى و رغم أنه يعمل بها الآن نائل الطوخى و هو متخصص فى الأدب العبرى غير أننا لم نجد لترجماته أى أثر إلا فى مدونته الجديدة
و بستان الكتب رغم متابعاته للجديد فى مصر و العالم العربى و الغربى إلا إنها باتت تهتم مؤخرا بقائمة البيست سيللر و لا تتعداها

كان لأخبار الأدب السبق فى وضع الأدباء و الشعراء و الكتاب فى خانة زمنية مطبقة عليهم أسماء غير ذات قيمة و لا تشكل فارقاً ، فما هو الفرق بين الكاتب التسعينى و الألفينى و الثمانينى و العشرينى ...مجرد مسميات لوضع حواجز زمنية لا أكثر لا تقوم على أى معايير أدبية فى الشكل أو الموضوع أو التطور المطرد للأدب

قيامها بالترويج لأسماء معينة فى مجال النشر كدار ميريت أو الدار أو ملامح أو مدبولى و إستئثار هذه الدور بعمل تعليقات و مقالات مستفيضة على إصداراتها

نهايته .... إلى كل القائمين على أخبار االأدب...أقول بحسن نية...يا تغيروا يا تودعوا ملأتم وعينا قمامة

الاثنين، 20 أبريل 2009

أبنية متآكلة كمداخلة أولى


المدونة ليست مشروعاً لمجلة إلكترونية و إنما هى نفثات محترقة تأتى من وجهة نظر أحادية، تنبع من ذاتٍ وجدت أن المجاز أصبح بديلاً عن الواقع و أن الأوراق أصبحت هى المسيطرة بنكهتها الغثّة التى تدل على أنها فقدت صلاحيتها لحظة ولادتها.....أصبحت آلية صناعة الكتاب تتحكم بها معايير خارجة عن نطاق التذوق الفردى لتدخل حيز التوجيه الفوقى، المستلب و المضحى بعقلية القارىء واضعةً إياه تحت بند السذاجة المطلقة ....الفيس بوك، الصحف القومية و الغير قومية، الجوائز العالمية و المحلية، تلفازات و كتاب يتبعون المؤامرة المحيكة و ينصبون من أنفسهم آلهة و رموز بديلاً عن المطلق، مبتعدين عن أى حقيقة..ليوهمونا بحقائق أشد بساطة فى قالب جذاب و كاذب

العالم من حولنا تتبدى حقيقته فى أبنية متآكلة أصابها الوهن و فى طريقها للسقوط..هذه هى الحقيقة التى يريدون بهراءاتهم إن يبعدونا عنها ليجملوا العالم أو ليشيدوا بالقبح ليكون علينا تبعة التغيير الذى سيستتبعه بنايات أخرى متآكلة

المدونة بالنسبة لى لا تشكل عامودا صحفيا فى جريدة أو مقالا فى كتاب و لن تكون دراسة مستفيضة أو عملا إبداعيا كنص أو قصة أو رواية أو قصيدة شعر...هى فقط إنطباعات أحسبها ستحاول أن تكون موضوعية قدر الإمكان...فوهة مسدس موجهة إلىَ و إلى أنفسنا و إلى العالم، لا تتبع أى أيديولوجيات و لا تنطلق من مسلمات سابقة مطلقة، حيث لا شىء مطلق و لا شىء مسلّم به

لن أكون ناصحا و لن أمسك بأيديكم كمرشدٍ فى متاهات العالم، إنما سأعرض و أنتظر منكم أن تتفقوا أو تعارضوا أو لا تقرؤا مطلقا..أنتظر فقط...مجرد إنتظار لصرخة لا أؤمن برجع صداها، لن تكون هناك معايير للقول أو لإبداء الرأى و لن تجبرنا المحرمات و التابوهات و الأديان والسياسات عن أن نقول ما نود قوله بألفاظٍ صريحة لا تعلوها طبقة من الضبابية المملة أو الرمزية المستهلكة

الطلقة موجهة أساساً للثقافة العالمية ، العربية، المصرية خاصة بكل أشكالها كتابة أو صورة أو سينما أو أى فعاليات فى أى مراكز ثقافية
نتبع الوهم بغرض تعريته حتى تكون شفرة السكين على أهبة الإستعداد لتقطيع اللحم و طبخه حتى الإستواء ..لن يكون ساعتها قابلا للمضغ و إنما ستنتظره على قارعة الطريق سلة قمامة....فقط تتبقى الحقيقة

عندما تكون المدونة جاهزة لأن تتلقى أصواتاً متواطئة على الكشف و متفقة على نزع طبقات الأغطية من فوق الجسد الميت...تكون من سعادتى أن تكون صوتاً جماعياً